الأردن يدرس استيراد زيت الزيتون لمواجهة ارتفاع أسعار "الذهب الأخضر"

Nov 5, 2025 IDOPRESS

يشتكي المستهلكون من أرقام "خيالية" تفوق قدرتهم الشرائية

مع انطلاقة موسم قطاف الزيتون في الأردن، يصطدم المواطنون بواقع جديد في الأسواق؛ فبدلا من أجواء الفرح المعتادة بـ "الذهب الأخضر"، تسود حالة من الترقب والقلق.

المؤشرات الأولية تنبئ بتراجع في كميات الإنتاج، وهو ما فتح الباب أمام قفزات سعرية غير مسبوقة، دفعت سعر "التنكة" (صفيحة الزيت) في بعض المناطق إلى 150 دينارا.

وفيما يشتكي المستهلكون من أرقام "خيالية" تفوق قدرتهم الشرائية، حذرت مصادر نقابية من "جشع الوسطاء"، كاشفة أن الحكومة تدرس بجدية خيار فتح باب الاستيراد لكبح جماح الأسعار.

"حماية المستهلك": أسعار خيالية وشكاوى متتالية

دقت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك ناقوس الخطر. وأكد الناطق الإعلامي باسمها، ماهر حجات، أن الجمعية تلقت خلال الأيام الماضية سيلا من الشكاوى حول الارتفاع الكبير في تكاليف زيت الزيتون.

اقرأ أيضا: ليس 150 دينارا.. نقيب المعاصر يحسم الجدل ويكشف السعر (الحقيقي) لتنكة الزيت هذا الموسم

وكشف حجات أنه خلال جولة ميدانية في منطقة إربد، لوحظ أن الأسعار تراوحت بين 130 و150 دينارا للصفيحة الواحدة.

ووصف حجات هذه الأرقام بأنها "خيالية" ولا تتناسب إطلاقا مع القدرات الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل الانخفاض المؤكد في كميات الإنتاج بالمناطق الشمالية والغربية، التي تعتمد بشكل أساسي على مياه الأمطار الشحيحة الموسم الماضي.

وأشار إلى أن الحكومة لم تصدر حتى اللحظة أي قرارات تتعلق بوضع سقوف سعرية. وتوقع حجات أن تتضح الصورة الكاملة لحجم الإنتاج في مختلف مناطق المملكة خلال الأسبوع المقبل، مطالبا الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة، سواء "بتحديد سقف سعري، أو منع التخزين غير القانوني (الاحتكار)، أو حتى فتح باب الاستيراد لتحقيق توازن بين العرض والطلب، شريطة عدم الإضرار بالمزارع".

الوزارة تدرس خيار "الاستيراد"

هذه المطالب يبدو أنها تجد آذانا صاغية. فقد كشف مصدر مطلع في وزارة الزراعة، في تصريح لـ "رؤيا أخبار"، عن توجه جدي لدى الوزارة لفتح باب استيراد زيت الزيتون قريبا.

وأوضح المصدر أن الوزارة تعكف حاليا على إنهاء الدراسة الخاصة بذلك، وأن هذا القرار يرتكز بشكل أساسي على "انخفاض كميات زيت الزيتون في الأسواق المحلية جراء ضعف الموسم المطري السابق"، والهدف المباشر هو "الحد من ارتفاع الأسعار".

ومع ذلك، أكد المصدر أن وزارة الزراعة "لا تتدخل في تسعيرة زيت الزيتون"، تاركة الأمر لآليات السوق، وهو ما يتناقض جزئيا مع مطالبات "حماية المستهلك" بوضع سقوف سعرية.

نقابة المعاصر: "الوسطاء" هم السبب

وفي خضم هذا الجدل، وضع نقيب أصحاب معاصر ومنتجي الزيتون، تيسير النجداوي، النقاط على الحروف. وأكد النجداوي في تصريح لبرنامج "أخبار السابعة" على "رؤيا"، أن المؤشرات الأولية تنبئ فعليا بتراجع في إنتاج المملكة من "الذهب الأخضر" هذا الموسم.

وكشف أن النقابة تدرس مع الجهات الرسمية حاجة السوق المحلي، مشيرا إلى أن قرار "فتح باب استيراد كميات محدودة" لتغطية النقص بات "مرجحا" خلال الأسابيع القادمة.

ورغم ذلك، حسمت النقابة موقفها من السعر العادل، محددة تسعيرة استرشادية واضحة تتراوح بين 100 و 120 دينارا للتنكة ذات الجودة العالية.

لكن النجداوي أبدى استغرابه وأسفه الشديد من وصول الأسعار في السوق إلى 140 و 150 دينارا، واصفا هذا الأمر بـ "المرفوض وغير المقبول".

ووجه نقيب المعاصر اتهاما مباشرا وصريحا لفئة من "الوسطاء"، معتبرا إياهم المسؤولين عن هذه القفزة. وقال: "المزارع بسيط ويبيع ببركة الله، لكن هؤلاء الوسطاء هم من يتحكمون بالسوق للأسف، ومكسبهم الكبير يأتي على حساب المزارع والمستهلك معا".

الجودة ممتازة.. ولكن احذروا "الغش"

على عكس الكمية، حمل الموسم الحالي أخبارا جيدة فيما يخص الجودة. وأكد النجداوي أن جودة زيت الموسم الحالي "ممتازة جدا"، مرجعا ذلك إلى أن "قلة الحمل" على أشجار الزيتون ساهمت في تركيز أفضل للعناصر الغذائية في الثمار.

لكن مع ارتفاع الأسعار، يزداد خطر الغش. ولحماية المواطنين، قدمت كل من "حماية المستهلك" و"نقابة المعاصر" دليلا إرشاديا لتجنب الوقوع في الفخ:

الشراء من المصدر الموثوق:

دعا حجات والنجداوي المواطنين إلى التوجه مباشرة إلى معاصر الزيتون المرخصة والمعروفة، حيث تتم عملية العصر والتعبئة أمام المشتري، مما يمنع أي محاولة للتلاعب أو الخلط.

تجنب "السوشيال ميديا":

حذر الطرفان بشدة من الانجرار وراء العروض الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ودعا حجات لتجنبها، فيما أكد النجداوي أنه تم ضبط العديد من حالات الزيت "المغشوش وغير الصالح للاستهلاك البشري" التي تم الترويج لها عبر هذه المنصات بأسعار منخفضة.

الفحص المخبري: شددت النقابة على أن الفحص المخبري يبقى هو "الوسيلة الأدق والأكثر ضمانا" للتأكد من جودة الزيت ونقائه بشكل قاطع.